responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلميه نویسنده : ابن كثير    جلد : 6  صفحه : 74
الْعِبَادِ؟ قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ.. قَالَ «فَإِنَّ حَقَّ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا» . قَالَ: ثُمَّ سَارَ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَ «يَا مُعَاذُ بْنَ جَبَلٍ» . قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ.
قَالَ «فَهَلْ تَدْرِي مَا حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ إِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ؟» قَالَ: قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ «فَإِنَّ حَقَّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ أَنْ لَا يُعَذِّبَهُمْ» [1] ، أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ قتادة.
وقوله تعالى: وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ أَيْ فَمَنْ خَرَجَ عَنْ طَاعَتِي بَعْدَ ذَلِكَ فقد خرج عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ، وَكَفَى بِذَلِكَ ذَنْبًا عَظِيمًا، فَالصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ لَمَّا كَانُوا أَقْوَمَ النَّاسِ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَوَامِرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَطْوَعَهُمْ لِلَّهِ، كَانَ نصرهم بحسبهم أظهروا كَلِمَةَ اللَّهِ فِي الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ، وَأَيَّدَهُمْ تَأْيِيدًا عظيما، وحكموا فِي سَائِرِ الْعِبَادِ وَالْبِلَادِ، وَلَمَّا قَصَّرَ النَّاسُ بَعْدَهُمْ فِي بَعْضِ الْأَوَامِرِ نَقُصَ ظُهُورُهُمْ بِحَسَبِهِمْ، وَلَكِنْ قَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ «لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ وَلَا مَنْ خَالَفَهُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ- وَفِي رِوَايَةٍ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَذَلِكَ- وَفِي رِوَايَةٍ- حَتَّى يُقَاتِلُوا الدَّجَّالَ- وَفِي رِوَايَةٍ- حَتَّى يَنْزِلَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَهُمْ ظَاهِرُونَ» [2] وَكُلُّ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ صَحِيحَةٌ، وَلَا تَعَارُضَ بينها.

[سورة النور (24) : الآيات 56 الى 57]
وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (56) لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَأْواهُمُ النَّارُ وَلَبِئْسَ الْمَصِيرُ (57)
يَقُولُ تَعَالَى آمرا عباده المؤمنين بإقامة الصَّلَاةِ، وَهِيَ عِبَادَةُ اللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَهِيَ الْإِحْسَانُ إِلَى الْمَخْلُوقِينَ ضُعَفَائِهِمْ وَفُقَرَائِهِمْ، وَأَنْ يَكُونُوا فِي ذَلِكَ مُطِيعِينَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ سَالِكِينَ وَرَاءَهُ فِيمَا بِهِ أَمْرَهُمْ، وَتَارِكِينَ مَا عَنْهُ زَجَرَهُمْ، لَعَلَّ اللَّهَ يَرْحَمُهُمْ بِذَلِكَ، ولا شك أن من فعل هذا، أن الله سيرحمه، كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: أُولئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ [التوبة: 71] . وقوله تعالى: لَا تَحْسَبَنَّ أَيْ لَا تَظُنَّ يَا مُحَمَّدُ أن الَّذِينَ كَفَرُوا أَيْ خَالَفُوكَ وَكَذَّبُوكَ مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ أَيْ لَا يُعْجِزُونَ اللَّهَ، بَلِ اللَّهُ قَادِرٌ عَلَيْهِمْ وَسَيُعَذِّبُهُمْ عَلَى ذَلِكَ أَشَدَّ الْعَذَابِ، ولهذا قال تعالى: وَمَأْواهُمُ أَيْ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ النَّارُ وَلَبِئْسَ الْمَصِيرُ أَيْ بِئْسَ الْمَآلُ مَآلُ الْكَافِرِينَ، وَبِئْسَ القرار وبئس المهاد.

[1] أخرجه البخاري في اللباس باب 101، ومسلم في الإيمان حديث 50.
[2] روي الحديث بطرق وأسانيد متعددة، أخرجه البخاري في الاعتصام باب 10، والتوحيد باب 29، والمناقب باب 28، والخمس باب 7، ومسلم في الإيمان حديث 247، والإمارة حديث 170، 171، 173، 175، وأبو داود في الفتن باب 1، والجهاد باب 4، والترمذي في الفتن باب 51، وابن ماجة في المقدمة باب 1، والدارمي في الجهاد باب 38، وأحمد في المسند 4/ 93، 99، 104، 244، 248، 252، 319، 420، 434، 437، 5/ 269، 278، 279.
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلميه نویسنده : ابن كثير    جلد : 6  صفحه : 74
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست